مدى نجاح منهاج التربية المدنية في خلق ثقافة مدنية فلسطينية: دراسة تقيميية

هدفت الدراسة إلى تقصى ما إذا كان هناك انخفاض – بالفعل - في مستوى القيم المدنية لدى الطفل الفلسطيني في مدارس محافظة غزة، كذلك تقصى مستوى هذا الانخفاض إن كان هناك بالفعل، وأيضا تقصى ما إذا كانت  القيم المطروحة في كتب التربية المدنية قد نجحت في خلق ثقافة مدنية فلسطينية في مدارسنا و بالذات في المرحلة المستهدفة الأساسية العليا.  وتكونت عينة الدراسة تتكون من 62 معلما و معلمة من مدرسي المادة بغزة، و 12 مشرفا، و ستة من الأساتذة الجامعيين في نفس مجال الدراسة،  ولتحقيق أهداف الدراسة وظف الباحث أداتين: استبيان و مقابلة تم تحكيمهما قبل التطبيق.

أظهرت النتائج أن معظم القيم المدنية التي وردت في الاستبيان الموجه للمعلمين شهدت انخفاضا بالسنوات الخمس الأخيرة من وجهة نظرهم، على سبيل المثال، أظهرت النتائج أن قيم: التعددية قبول الآخر، و التسامح، و المسئولية، تعاني انخفاضا قد يصل الى (29%)  مقارنة بالسابق (قبل خمس سنوات)، كذلك أظهرت النتائج ان منهاج التربية المدنية،  و ما تضمنته من قيم، "لم تلعب دورا فاعلا" في تعزيز التعددية، و تقليل حدة الانقسام الفلسطيني في المجتمع المدني الفلسطيني،  وقدرت نسبة نجاح المنهاج في تحقيق ثقافة مدنية بأنها لا تزيد عن 35% فقط، اعتبرت النتيجة – في نظر كثير من التربويين-  مؤشرا تقويميا خطيرا و ناقوسا للمعنيين بنشر ثقافة المجتمع المدني، وبالذات في إظهارها مدى ضعف مساهمة الكتب في نشر ثقافة المجتمع المدني.

ما يقارب من 38% من أفراد العينة، و رغم قناعتهم بان المنهاج لم يلعب دورا فاعلا في تعزيز ثقافة المجتمع المدني، إلا أنهم يرون ان  هذا الفشل في تحقيق الأهداف المرجوة،  لا تتحمل مسئوليته المناهج وحدها، ولكن الحالة العامة للمجتمع الفلسطيني ساهمت بشكل او بآخر في الفشل النسبي لتحقيق أهداف التربية المدنية المنشودة.

و عليه يعتقد معظم أفراد العينة ان منظومة القيم المتضمنة في كتب التربية المدنية تحتاج إلى مراجعة جادة من اجل التطوير الشامل لتحسين فاعليتها في نشر ثقافة مدنية فلسطينية،  و لتعزز قيم التعددية، و قبول الآخر، و المشاركة، ومن هذا المنطلق، يقترح الباحث وضع خطة وطنية لإعادة تقييم محتوى مناهج التربية المدنية، بصورة تفصيلية، كجزء من حملة وطنية تتضمن عملا إعلاميا و سياسيا  هادفا متزامنا مع العمل التربوي،  بحيث تساير مناهج التربية المدنية، كأهداف و محتوى، المتغيرات الجديدة مع اعتبار للثوابت المعروفة، و لتقترب المناهج أكثر من المشاكل الحادثة على الأرض  و التي تفرزها الإيديولوجيات المختلفة و التي تنعكس سلبا على حياتنا المدنية.