عرض تفاصيل البحث
المجلد | |
|
تاريخ النشر | |
|
عنوان البحث |
|
|
ملخص البحث |
تقديم : الشعر ابن البيئة التي ينشأ فيها ، ومرآة صادقة للمجتمع تنعكس فيه هموم الناس ومشاكلهم ، وتطلعاتهم المستقبلية . والشعوبية حركة شعبية –تهدف في الدرجة الأولى فيما تهدف إليه إلى مقاومة العرب ، ومحاولة النيل منهم ، والتحرر من سلطانهم- وإلى تعظيم شأن الفرس في الدرجة الأولى ، وقد استأثرت باهتمام الأدباء والشعراء والمفكرين . ظهرت الشعوبية في الشعر باكراً ، فافتتحها أحد شعراء العصر الأموي ، وهو إسماعيل بن يسار النسائي الذي افتخر بقومه وأمجادهم ، وعير العرب في جاهليتهم بعاداتهم وطريقة عيشهم. لكن الظروف السياسية والاجتماعية لم تكن لتسمح لهذه النزعة بالاتساع والشمول ، والتحول إلي تيار له أنصاره ومؤيدوه. وكان على هؤلاء تحيّن الفرصة المناسبة لتغيير الوضع السياسي. ويبدو أن اسم الشعوبية لم يظهر إلا في العصر العباسي الأول ، لأن أصحاب هذه النزعة التي تحاول مساواة العرب أو تحقيرهم لم تتخذ شكلا قويا واضحا يصح أن يطلق على معتنقيه اسم إلا في هذا العصر. أما قبل ذلك فقد كانت نزعة خفية لا تستطيع الظهور ، وإذا ظهرت أخمدت. والحاجة إلى اسم إنما تكون بعد أن يتخذ المبدأ شكل عقيدة عامة أو حزب. وكذلك فإن هذا الاسم لم يطلق على هذه النزعة في العصر الأموي. وأقدم ما وصل إلينا من الكتب التي استعملت لفظ الشعوبية كتاب "البيان والتبيين" للجاحظ ، فكان أن وُجِد باحثون ليقوموا بواجبهم حول هذه الظاهرة الجديدة ، كما قيل كثير عن الشعوبية ، ووضعت الكتب الكثيرة في تاريخ نشوئها ومضامينها وأبعادها وأهدافها. درس هؤلاء الباحثون الشعوبية من النواحي التاريخية والاجتماعية والسياسية، وأشاروا إشارات عارضة أو موجزة إلى الناحية الأدبية. كما أن هؤلاء الباحثين انقسموا إلى فريقين: فريق يؤيد الشعوبية ، وينهج سبيلها ، وفريق يعارض ، ويناهض مؤيديها. لذا كثرت المناظرات والمساجلات الأدبية والفكرية بين الطرفين ، فكانت هذه الحركة دافعاً لنتاج أدبي جديد. من هنا جاء هذا البحث يُعالج موضوع الشعوبية بروح علمية ، ونزعة موضوعية ، لأتحاشى الوقوع في الانحياز والتحريف والتزوير. فعرضتُ لهذه الحركة بشمولية تناولت جميع جوانبها ، ومختلف مجالاتها ، وتأثيراتها السياسية والاجتماعية والقومية والأدبية والحضارية والدينية على الحياة العربية الإسلامية ، وتبيان دورها الإيجابي والسلبي في مجمل الأوضاع الحياتية التي مرَّت بها الأمة العربية والعالم الإسلامي. يهدف هذا البحث إلى إظهار أبعاد الشعوبية ومفهوماتها ، وانعكاس ذلك على النصوص الأدبية ومضموناتها ، واتجاهات أصحابها. كما حاولتُ إلقاء الضوء على الجذور التاريخية لهذه الحركة ، وأسباب نموها ، ومراحل هذا النمو ، والعوامل المختلفة التي أسهمت في اتساعها وانتشارها ، ولا أزعم أن الأمر سهل هيِّن ، فقد اعترضني بعض الصعوبات التي كادت أن تحول بيني وبين إتمام هذه الدراسة ، ومنها: 1- صعوبة تمحيص الأخبار التاريخية التي تبالغ في تصوير النفوذ الشعوبي في العصر العباسي. 2- فقدان النصوص الأساسية لكثير من الكتَّاب والأدباء الشعوبيين الذين انتصروا لهذه الحركة ، وشحذوا عقولهم وألسنتهم ، وسخَّروا أقلامهم لخدمتها ، والدفاع عنها ، وضياع الكثير من النصوص التي انتصر أصحابها للعرب ، وردُّوا فيها على الشعوبية ، وكشفوا مخططاتها. 3- انسياق عدد من الباحثين وراء أخبار مبالغ فيها ، واعتبارها حقيقة لا مجال لنقدها أو الشك فيها. 4- كثير من الأدباء والكتَّاب انطلقوا من أحكام آمنوا بها مسبقاً ، وحاولوا إيجاد مبررات لهذه الأحكام. 5- كثير من الدراسات أظهرت أن هدف الشعوبية الانقضاض على العرب ، والثأر منهم ، وتدمير كيانهم ومعتقداتهم. لذا ، آمل أن تسهم هذه الدراسة في إغناء المكتبة العربية بنتاج يهدف إلى بيان حقيقة الشعوبية ، وكشف ما خفي من أهدافها ، وإظهار خط سيرها عبر تاريخ أمتنا الطويل في العصرين: الأموي والعباسي. ودراسة الشعوبية في هذه الفترة من تاريخنا ، ضرورة ماسة تكشف لنا الخطر في هذا العدو الذي وإن تبدَّل أو تغيَّر في أطوار التاريخ ، واتخذ رداء الهجوم الأدبي والثقافي والتراثي والعنصري واللغوي والديني ، إلا أنه ظل العدو المتربص بالعرب ينتظر الثغرة في صفوفهم أو استعداداتهم لينفذ منها ويقضي عليهم. كما أوضحت هذه الدراسة أن الشعوبية سلكت سبلاً متعددة بين ظاهر ومستور ، وكلها لها أثرها وخطرها ، فهى تريد أن تربك العقائد ، وتشوه المفاهيم الإسلامية لتزعزع قاعدة المجتمع وأساسه. |
|
لغة البحث | عربي | |
الباحثون |
|
|