ناقش الباحث إبراهيم خليل البزم رسالة الماجستيرالموسومة بعنوان " أثر النظم الانتخابية التشريعية في تشكيل النظام السياسي الفلسطيني".
فاستعرضت الدراسة مفهوم النظم الانتخابية وخصائصها وقياس أهميتها وطرق تأثيرها على النتائج الانتخابية، وانعكاس ذلك على النظام السياسي الفلسطيني، فتناولت نشأة النظم الانتخابية وأهم أنواعها، و نتائج الانتخابات الأولى عام 1996 والانتخابات الثانية عام 2006 وأثر النظام الانتخابي في التأثير في نتائج الانتخابات التشريعية الأولى والثانية وأثر ذلك على طبيعة النظام السياسي الفلسطيني و السلطة الحاكمة.
و تسعى هذه الدراسة إلى إيضاح أثر النظم الانتخابية على نتائج الانتخابات التشريعية وأثره على النظام السياسي الفلسطيني من وجهة نظر أساتذة السياسة والقانون في وذلك من خلال تطبيق دراسة ميدانية على جامعات قطاع غزة.
واستخدم أيضا المنهج الوصفي التحليلي في تحليل نتائج الانتخابات التشريعية الثانية 2006 من حيث فوز القوائم الانتخابية بعدد المقاعد وفق النظام المختلط من خلال الفوز في الانتخابات الفردية أو التمثيل النسبي على مستوى الوطن، ودلالات تلك التحليلات على النتائج الحقيقة للانتخابات التشريعية الفلسطينية، وأثرها على قوة الأحزاب السياسية الفلسطينية، ودورها في الحياة السياسية، حيث تم من خلال ذلك المنهج جمع البيانات الوصفية حول الظاهرة، وتحليلها وتفسيرها واستخلاص النتائج وقياسها لمعرفة مدى الأثر الذي تحدثه النظم الانتخابية على النظام السياسي الفلسطيني عن طريق الأداة المستخدمة وهي الاستبانة.
فتم استخدام مقياس خاص من عمل الباحث (الاستبانة) التي من خلالها تم استطلاع أراء أساتذة الجامعات الفلسطينية في السياسة والقانون بوصفها شريحة من الشرائح المثقفة في المجتمع، والتي تؤثر في الرأي العام ولها القدرة على التأثير في كثير من الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع، وكانت محاور تلك الاستبانة مرتكزة على المعطيات الناتجة عن تحليل نتائج الانتخابات التشريعية الأولى 1996، والانتخابات التشريعية الثانية 2006 ودور النظام الانتخابي في تلك النتائج وصياغتها في محاور الاستبانة لدراستها ميدانياً، للوصول إلى النظام الانتخابي الذي يتلاءم وطبيعة النظام السياسي الفلسطيني للاستفادة منها في الانتخابات التشريعية المقبلة .
استنتاجات الدراسة:
وفي سياق ما تم عرضه من فصول الدراسة ومباحثها, توصلت الدراسة إلى استنتاجات أثبتت صحة الفرضيات, فقد لعبت النظم الانتخابية دوراً مهما في التأثير على نتائج الانتخابات التشريعية بل أصبحت من أهم المرتكزات الأساسية التي يتم تداولها في جولات الحوار من أجل المصالحة بعد الانقسام بين شطري الوطن ( قطاع غزة – والضفة الغربية )، وكان من أهم تلك النتائج للدراسة:
1- اتضح أن الإنفاق على الحملات الانتخابية في الانتخابية التشريعية لم يلعب دوراً كبيراً في التأثير على نتائج الانتخابات التشريعية الأولى عام 1996 والثانية عام 2006.
2- النظام الانتخابي الفردي للانتخابات التشريعية الأولى عام 1996 نتج عنه مجلس تشريعي ذو لون سياسي واحد تسيطر عليه حركة فتح مما انعكس على مؤسسات السلطة الفلسطينية المختلفة في المجالات الاجتماعية والحزبية.
3- لعب مبدأ الشفافية دوراً مهماً في تحديد نتائج الانتخابات التشريعية الأولى عام 1996 والثانية عام 2006، مما انعكس إيجابياُ على نتائج الانتخابات وضمان نزاهة العملية الانتخابية.
4- أدت حالة التوافق الوطني في حوارات القاهرة عام 2005 واتفاق جميع الأحزاب والفصائل الفلسطينية على المشاركة في الانتخابات التشريعية الثانية عام 2006 باستثناء حركة الجهاد الإسلامي التي امتنعت عن المشاركة إلى زيادة عدد الناخبين المشاركين في التصويت في الانتخابات التشريعية الثانية عام 2006 بعدد أكبر من الانتخابات التشريعية الأولى عام 1996 .
5- اتجه الناخب الفلسطيني في الانتخابات التشريعية الثانية عام 2006إلى التصويت لصالح الفصائل والأحزاب ذات الصبغة الدينية والتي تمثلت بحركة حماس كونها أحد الفصائل التي وظفت العامل الديني في الدعاية الانتخابية .
6- كان لحالة الاستقطاب الحزبي بين الفصائل والأحزاب السياسية في الانتخابات الثانية 2006 دور كبير في التأثير على نتائج الانتخابات التشريعية.
7- أدت رغبة العديد من الناخبين في محاسبة بعض الفصائل على الفترة الماضية من وجهودهم في المجلس التشريعي الناتج عن الانتخابات الأولى عام 1996 إلى تصويتهم إلى أحزاب وفصائل سياسية ليس لها تجربة سابقة في الحكم وإدارة الحياة السياسية مما جعلها تستفيد منها بدرجة كبيرة تفوق توقعاتها .
8- وجود كوتا ( للمرأة والمسيحيين ) في الانتخابات التشريعية الثانية عام 2006 حفظ تمثيلهم بدرجة مناسبة في المجلس التشريعي بخلاف الانتخابات التشريعية الأولى التي كان فيها تهميش لدور المرأة في المجلس التشريعي عام 1996.
9- النظام الانتخابي المختلط للانتخابات التشريعية الثانية عام 2006 نتج عنه مجلس تشريعي كانت الأغلبية فيه لحركة حماس مما أثر سلبا على النظام السياسي الفلسطيني من خلال علاقته بالمجتمع الدولي الذي كان يرفض التعامل مع حركة حماس.
10- نتائج الانتخابات التشريعية الثانية عام 2006 لم تؤسس لنظام سياسي معبر عن تطلعات الشعب الفلسطيني بكل أطيافه السياسية مما نتج عنه حالة الصدام المسلح بين حركتي فتح وحماس، كما نتج عنه حالة الانقسام بين مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية المتمثلة بمؤسسة الرئاسة في الضفة الغربية ومؤسسة الحكومة في قطاع غزة.
11- الانتخابات التشريعية حق قانوني لا جدال فيه يمتلكه الشعب الفلسطيني ولا يجوز تعطيله تحت أي سبب أو ذريعة .
12- دعم أساتذة الجامعات الفلسطينية المحسوبين على حركة حماس للنظام الانتخابي الفردي الذي كان يشكل نصف عدد المقاعد من النظام الانتخابي المختلط في الانتخابات التشريعية نابع من تحقيقه لفوز مرشحي حركة حماس في الانتخابات التشريعية الثانية عام 2006 .
13- وقوع المجلس التشريعي في فخ التجاذبات السياسية، وابتعاده عن مهامه الأساسية، مما جعله يعاني من الشلل شبه الكامل في مهامه التشريعية والرقابية
14- لم يعمل المجلس التشريعي بروح الفريق الواحد لمصلحة النظام السياسي الفلسطيني، وإنما كان يعمل في كل ولاية من ولايته لمصالح حزبية.
15- شاركت حركة حماس في الانتخابات التشريعية الثانية عام 2006 عندما وجدت أن هناك بيئة مناسبة لها لكي تحقق فوزاً في المجلس التشريعي يعطيها القدرة على التأثير في القرار السياسي الفلسطيني.
16- تفاجأت حركة حماس حين فازت بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي في الانتخابات التشريعية الثانية عام 2006 وهو ما أشعرها بقوة غير حقيقية في الشارع الفلسطيني ودفعها إلى التمسك بتشكيل الحكومة الفلسطينية، وإلى أن يكون لها نصيب الأكبر فيها مما أثر سلباً على علاقاتها ببقية الفصائل الأخرى وبخاصة حركة فتح التي كانت مهيمنة على السلطة منذ عام 1994.
التوصيات:
وأختم الدراسة بعرض لأهم التوصيات التي توصلت إليها الدراسة في جوانبها النظرية والتحليلية والميدانية وذلك على النحو التالي:
1- تعديل قانون الانتخابات الفلسطيني واعتماد النظام الانتخابي النسبي الكامل للانتخابات التشريعية القادمة القائم على اعتبار الوطن دائرة واحدة، لما تحققه من عدالة في توزيع الأصوات وحفظ حقوق الأحزاب الصغيرة في التمثيل في المجلس التشريعي.
2- إشراك أساتذة الجامعات الفلسطينية في وضع قانون الانتخابات القادم والاستفادة من خبراتهم وملاحظاتهم.
3- إصدار قوانين رادعة لمن يحاول التزوير أو التلاعب بالعملة الانتخابية .
4- العمل على إشراك الفلسطينيين في الخارج في العملية الانتخابية والاستفادة من مشاركتهم لنقل صورة الوجه الديمقراطي والحضاري للشعب الفلسطيني إلى العالم لدعم القضية الفلسطينية العادلة وتعزيز وجود دولة فلسطين.
5- ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية القادمة في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة وعدم استثناء أي منطقة.
6- ضرورة إجراء الانتخابات القادمة على أساس توافق وطني على إجرائها، لتحفيز جميع الفصائل والأحزاب السياسية على المشاركة، ولكي تكون أساساً من أسس تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام .