الملخص
|
ملخص الدراسة
تناولت الباحثة في هذه الدراسة موضوعا في غاية الأهمية، يُمثل الخطر الأكبر الذي يُهدد بقاء الدول العربية واستمراريتها، كما يُعيق من عملية تقدمها ونهوضها، خاصة في السنوات الأخيرة التي اندلع فيها ما يسمى بثورات الربيع العربي، والتي حملت معها الكثير من التحديات التي تهدد الاستقرار السياسي للدولة العربية الحديثة، ومن أجل ذلك انطلقت الباحثة من عنوان رئيسي حاولت أن تُسلط من خلاله الضوء على أزمة الهوية وتداعياتها على الاستقرار السياسي في الوطن العربي، ودراسة الحالة الليبية في السنوات من (2010-2015 ) كنموذج للدراسة.
حدّدت الباحثة مشكلة الدراسة بالسؤال الرئيسي: ما هي أزمة الهوية وتداعياتها على الاستقرار السياسي في الوطن العربي ؟، ومن هذا التساؤل تفرعت تساؤلات فرعية أخرى ، لفهم حقيقة أزمة الهوية وجذورها السياسة، وأسبابها، ودراسة هذه الأزمة في ليبيا.
هدفت الدراسة إلى أهداف عدة أبرزها: معرفة السياق السياسي لنشأة الدولة العربية، وسماتها، والتعرف على أزمة الهوية ومخاطرها، بالإضافة إلى دراسة الأزمة الليبية ومعرفة جذورها وتداعياتها.
وقد اعتمدت الدراسة لتحقيق أهدافها على عدة مناهج بحثية كان أبرزها: المنهج الوصفي التحليلي لوصف وتحليل العلاقة بين أزمة الهوية، وبين الأوضاع السياسية في هذه الدول، والمنهج التاريخي لدراسة ظروف نشأة الدولة الوطنية الحديثة، واستعراض الجذور التاريخية للأزمات التي تعاني منها الدولة الوطنية في الوطن العربي، وتتبع جذور الأزمة الليبية.
وخرجت الدراسة بعدة نتائج كان أهمها أن الدولة الوطنية الحديثة في العالم العربي لم تنشأ كتطور تاريخي طبيعي للحراك العربي، وإنما نشأت بفعل عوامل تاريخية ساهم الاستعمار في تشكيلها، وبالرغم من ذلك حاولت النخب التي حكمت هذه الدولة الخروج من التبعية للاستعمار لتحقيق تطلعات شعوبها، لكنها اصطدمت بتحديات كبرى أعاقت الكثير من عمليات التنمية والنهوض، كما توصلت الدراسة إلى أن أزمة الهوية في العالم العربي لم تكن صدفة، وإنما كانت نتاجا لعملية نشأة الدولة ذاتها وما رافقها من تحديات، وكذلك توصلت الدراسة إلى أن العقل العربي لم يستوعب بسبب الإرث التاريخي الطويل الاندماج تحت هوية جامعة توحد الجهود، وإنما توزعت الولاءات بين هويات فرعية نازعت الهوية الرئيسية، وأعاقت ظهورها وسيادتها على غيرها من الهويات، وهو ما تناولته الدراسة ووضحته في الأزمة الليبية التي كانت أسبابها كامنة في المجتمع الليبي حتى قبل نشأة الدولة الحديثة بعد الاستقلال، وهو الأمر الذي تجلى بوضوح في الأزمة الليبية الأخيرة التي كانت أحد مخرجات "الربيع العربي" الذي تصاعد مع الثورة الليبية ضد نظام القذافي، وتفاقم بعد سقوطه .
وأوصت الدراسة بضرورة العمل على أكثر من اتجاه، فمن ناحية يجب على الجميع الوقوف عند مسؤولياتهم التاريخية، سواء على المستوى الرسمي أو غير الرسمي ببحث أسباب الأزمة وطرق علاجها، وقيام الأطراف الليبية بالابتعاد عن لغة السلاح واللجوء للحوار وتغليب المصلحة العليا للدولة الليبية على غيرها من المصالح الجزئية للخروج من الأزمة الحالية، ومن ناحية ثانية يجب تكثيف الجهد نحو مزيد من الأبحاث والدراسات لدراسة أزمة الهوية، وأسبابها الحقيقية، كمقدمة لوضع التصورات نحو علاج هذه الأزمة بما يضمن اندماج الجميع تحت هوية مركزية تعمل على تلبية تطلعات الجميع ودون انتقاص لحقوق طرف على آخر.
|